الأول: زيادة الأعراض والآلام عند الحالات المصابة.
والثاني: زيادة عدد المصابين بالمرض.
وفي كثير من الأحيان تكون للمرض خاصية العدوى والانتقال، وهنا يعظم الاهتمام بالأمر، وتبذل الجهود وتنفق الأموال في مجال علاج الحالات المصابة بالمرض أولاً، وفي مجال دراسة تلك الحالات بحثًا عن أسباب المرض، وأفضل الأدوية الملائمة لعلاجه، مع البحث عن الأمصال الواقية منه لتدارك إصابة حالات جديدة، وبعد معاناةٍ يتم معرفة أعراض المرض وأطواره وأسبابه وطرق انتقاله، وتتواصل إثر ذلك الحملات الإعلامية للتوعية الصحية، مع تواصل علاج المصابين، وتواصل البحث لتطوير العلاج والوقاية.
وفي الساحة الإسلامية اليوم عللٌ مستعصية، وأمراض معدية، تشيع بين جيل الصحوة، وتنتشر بين الصفوة، ويقع بها تضييع الأوقات، وتبديد الطاقات، وإثارة النزاعات، واختلال الأولويات، وكثير منها بدأ في حالات فردية ثم انتهى إلى ظاهرة مرضية.
في هذه الصحوة الإسلامية -بحمد الله- خير كثير، ولها مزايا عديدة، ظهرت آثارها الطيبة، وأينعت ثمارها النافعة {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: 24، 25].
ولكن طبيعة النفوس البشرية، إضافةً إلى الظروف العدائية والمؤامرات الكيدية، مع غياب المعالم المتكاملة للحياة الإسلامية، كل ذلك أوجد بعض العلل التي لم تلقَ -فيما أظن- العناية الكافية لأسباب كثيرة من أهمها: ضخامة الأعداد العائدة إلى الله بما لا يوافق القدرة على الاستيعاب الكامل، والتربية الراشدة العميقة، ومنها أيضًا غياب الخطط الاستراتيجية والنظرات المستقبلية لكثرة المشكلات الآنية والمآسي الإسلامية، إضافةً إلى أن هناك مبغضين متربصين يسعون لإشاعة الأخطاء واستمراريتها.
لا بُدَّ أن نعلم أنه ليس من مصلحة الدعوة ولا جيل الصحوة أن نعتمد التزكية المطلقة، فليس هذا موافقًا للشرع {فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32].
وليس من الإخلاص في النصح أن نغضَّ الطرف عن الأخطاء، وننكر وجودها، وندس رءوسنا في الرمال كما تفعل النعامة. فهذا يزيد في الأخطاء، ويساعد على انتشارها، وحينئذٍ يتسع الخرق على الراقع. ومع ذلك فنحن نربأ بأنفسنا عن ممارسات كُتّاب يدَّعُون الموضوعية والمعالجة، وهم يمارسون في الحقيقة التشويه والتشهير، ويستخدمون أسلوب التضخيم والتعميم، ويجتهدون في تتبع العثرات، وإهمال الحسنات، فضلاً عن كونهم لا ينطلقون من منهج إسلامي.
وهذا التناول تفيض به أعداد هائلة من الصحف والمجلات العلمانية واليسارية التي لا همَّ لها إلا تشويه صورة الإسلاميين، وإلصاق كل نقيصة وجريمة بمن يطلقون عليهم (الأصوليين).. لسنا من هؤلاء في شيء، فنحن وإن أردنا النقد، فإنما نرسله من نفوس مشفقة، وقلوب محبة، ونصوغه في أسلوب حسنٍ على منهج القرآن الكريم {بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125]، ويبعد عن الإساءة أو التخصيص على طريقة الرسول الكريم "ما بال أقوام".
إن الخطر في هذه العلل يكمن في أنها تصيب القلوب والعقول، ونحن نرى في بعض شباب الصحوة بساطة تصل إلى حد السذاجة، وحماسة تصل إلى درجة التهور. كما أن هناك نقدًا ينتهي إلى التجريح، واختلافًا يؤدي إلى التنازع. ولا بُدَّ والحالة هذه أن تقرع أجراس الخطر، وأن ينتدب أطباء القلوب من العلماء الصالحين، والدعاة المخلصين، والمفكرين الواعين ليشخِّصوا الحالات، ويبحثوا عن الأسباب، ويضعوا الحلول الناجحة، ويصفوا الأدوية الناجعة، ثم ليضعوا المناهج الواقية، والخطط الواعية.
وهنا دعوة لجميع الغيورين أن يدركوا الخطر، وأن يهبوا للعمل، فلا بد من الوقاية؛ فالوقاية خير من العلاج.
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire